محاولات إيقاظ الضوء

يبـرد الـوقـت، يشتعـل الانتظـار

يمـزّق قمصـانـه الفـاخـرة

يـرتّـل صمـت الفـراغ المـدجّـن

بالأمنيات السعيدة

يعـلّـق أجـراسه الخشنـة فـي عمـق حنجـرتـي

ويمنحنـي فـاتـورة للبـكـاء...

الانتظـار طـويـل مـع الحـزن

قصيـر مـع الحـبّ وخلـود مـع رائحـة الأمّ

الانتظـار وقـوفـك حـافـياً علـى خـطّ الاستـواء

ضفّـة ضيّقـة ورتـابـة زرقـاء

أتجـوّل خلـف مـرايـا الـزمـان

أتحسس وجهـي المنهـوب

كـأنّ لـه شكـل الفعـل المتعـدّي

إنّه يشتهـي نقطـة سـلـم

وسـط هذا الخراب المريع…

الـوقت مثقـوبٌ

والأضـواء المـزيّفـة حـرائـق تتمـدد

أصـابـع العتمــة تسحبنـي

إلى هـدنـة نيّئـة مـع الحيـاة دون شـروط

وقبـائـل القـشّ تـوجـه اتهـامـات نـاتئـة

للإغمـاء المتّفـق عـليـه…

لسـت حجـراً اقتـاتتـه الأعـاصيـر

فـأصبحـت حصّـالـة منهـكـة

لسـت جـذعـاً تجـاوز عمـره

فـأصبح مسنـداً منسيّـاً

لـم أجعـل للظـروف طعـم الجـرب

ولا للأيـام مـذاق الجـوع

لسـت أنـا مـن جعـل البحـر يتجشّـأ

ويعيـد جثثنـا إلينا

أنـا مـن حـاول العيـش بالمحبّة

وبقـايا الأحلام

وبقـايـا الـوطـن وبقـايـا العمـر

أتهـدَّم ثـم أقـف بجلبـة انهيـار الفـراغ

فـالحيـاة أحجيـة نـائيـة...

المـدينـة التـي خـرجت منهـا عـاشقـاً أتحسّـر

مـازالـت الأزهـار فيـهـا تـرسل نـداءات استغـاثـة

وشـوارعهـا مـزدحمـة بصـور الرغيف المقدّس

والعـالـم يفتتهـا وينثـرهـا فـوق المجـاز

أصبـح الهـواء فيهـا نحيـلاً هـرمـاً

والحـزن سـافـراً يتبـرّج

والبـراءة مجهولة المصير

لـن تصـادف فيهـا صـلاةً

ولا قـدّاسـاً ولا نبيّاً

ولا زهـرةً ترفـد الـذاكـرة

لـن تـرى إلا حلماً ضلّ طـريقـه

وظـلّاً سقـط على نفسـه من الخيبـة

وفكـرة تـمّ اختطـافهـا

وإيمـانـاً تـمّ صلبـه في التاريـخ

وشـاعـراً طـاعناً فـي الخبـز

ينـقُّ بالإثـم رغـم سيـولات الـوجـع

وفيضـان القهـر وارتعـاشـات القلـق ...

أحتـاج مـن تمنـح قلبـي قبلـة ضـوء

مـن تـرى الـدنيـا معـي كمـا أراهـا

كـي أصبـح مـرئيّاً لنفسـي

فـأرى الأشيـاء كمـا ينبغـي أن تكـون

أحتـاج مـلامحـك التـي لا تتسـع لهـا المـرايـا

تنثـر حلـوى السمـاء فـي عيـونـي

فـأتعـلّـم إيقـاظ الضـوء

أريـد مـن تتـورط معـي

في ابتهـال دقّات الساعة

فـي تكسيـر السطـوح الملسـاء للـوقـت

فـي رتـق الظـلّ للجـدران المهتـرئـة

فـالظـلّ المـائـل

هـو الـوريـث الشـرعيّ لعـورة العتمة

أبحـث عـن وطـن فـي نـرجسـة

تجمـع بيـن الـذاكـرة والـرؤيـا

تتـرك رائحـة الشعـر معـلّقـة على معطـف روحـي

تـلـد القيـامـة، تعيـد تـرتيبـي

تنـادينـي بـأسمـائهـا

لـم يغـادرنـي الطفـل بعـد

رغـم هبـوب الخـريف

مـا زلـت أمنـح الـريـاح للفـراشـات

والمـراكـب المنفـوخـة بمـرايـا الخـوف

والنصوص المتشابهة

أقـف علـى نـاصيـة الـوقت

أنتظـرنـي ولكننـي لـم أمـر!!

فقـط عبـرت تـلـويحتـي

مـن وراء حجـاب

تـوزّع الـدفء والأرغفـة المحشـوّة

بدمـوع الكـرز

الأيـام مـؤلمة كـالفـراق مـدهشـة كـالصـدفـة

الأيّام عميـاء مقْعـدة مـن دون لقـاء...