شتاء بلا ذاكرة
ورائحة اللون تخنق دهشتنا البائسة
وكلّ العنـاويـن ضـلّت طـريـق الفراغ
وراحت تفتّش عن نفسها
ونحن بقينا شظايـا بـألـواننا البـاهتة
تسللت شرق الصباح
وجـدت النهار يحمل فانوسه ذاوياً
ويمضي حزيناً خارج خطّ الأفق
مرهقاً يتلعثم فـي مشيه
يبحث عن مخرج للطوارىء
والليـل يـفـرش عتمته بـوضـوح
يمارس لعبته ويلقي تعاويذه
ويغسل أقدامه في الغسق
أقول لنفسي:
عليك أن تقرئي تفاصيـل ظـلّـك
فـوق الـجـدار
فالحـزن صار انتماء
والحياة تحشرنا في الممرّ الأخيـر
فنركـض مـن دون وعي بتيـه القـلـق
لنعرف أنّ الجـديـد قـديـم
وأنّ الحياة ظنـون وبـاخـرة مـن ورق
مرّ وقت طويل طويل
كزوبعة من تعب
عميـق كسـرّ الـوجـود
كحبّة قمح تفكّر أن تتحول
حقل سنابل
وتمنح كلّ الـوجـود الـذهـب
فأكثـر مـا يـقـلـق هـذي السنابل
غيـوم تـراوغ
وفلّاح لا يعرف مـواعـيـد أعراسها
وطقس عقيـم بـلا ذاكـرة...
مسافر
أبحث عن مستقرّ
لأسند رأسي فوق جـدار الحياة
التي لم أعشها
وأحـلـم كـالآخـريـن بمـا هـو آت
وأضحك والقلب حافي
وأنسى بأنّي كبرت
فـأركـض كالضـوء بكلّ اتجاه
في الأمسيات
فكلّ العصافير في موطني
احتـرقـت وهي تحلم بالأمنيات...
وحين التقينا وكان الخريف
يقيـم عـواصفه فوق وجهي
وينثر فـوق عيـوني الضباب
ويـأخـذ مـنّي فـي كـلّ يـوم غيـوماً
ويسرق كلّ بقايا الشباب
وقـد بـرد العمـر بعـد الحـرائـق
ولم يبقَ منّي سوى همهمات السراب
أدركت أنّ الضجيج الجميـل تـوفّـى
وأنّي لا أستطيع السكـوت
إذا مـا تكلّم قلبـي
إذا مـا تـدحرج بين السحاب
" تمنّيت سوقاً يبيع السنيـن"...